من يكون ذو القرنين

من يكون ذو القرنين

قال الله تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ).
ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل وأنه بلغ مشارق الأرض ومغاربها وملك الأقاليم وقهر أهلها وسار فيهم بالمعدلة التامة
والصحيح أنه كان ملكاً من الملوك العادلين وقيل قد كان نبياً, وقيل رسولاً. وأغرب من قال ملكاً من الملائكة.
قد قيل هذا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فانه سمع رجلاً يقول لآخر يا ذا القرنين فقال لهم ما كفاكم تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة (ذكره السهيلي)
لكن مما لاشك فيه هو أن ذو القرنين ملكاً صالحاً رضي الله عمله وأثنى عليه في كتابه وكان منصوراً وكان الخضر وزيره وذكر أن الخضر عليه السلام كان على مقدمة جيوشه
وقد ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين قد أسلم على يد إبراهيم الخليل عليه السلام وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل عليه السلام
قيل الكثير عن سبب تسميته بذي القرنين فقيل لأن كان له برأسه شبه القرنين وقال بعض أهل الكتاب لأنه ملك فارس والروم وقيل لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها
قال تعالى (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا)
كان ذو القرنين ملكاً قائداً ملك الأرض كلها بسلطانه وحكم أهلها بقبضته ولم يكن هناك ملكاً سواه يحكم الأرض وأهلها بمشيئة الله الذي مكنه في الأرض وآتاه من كل شيئ
هناك أحداث كثيرة ارتبطت بذي القرنين ولكن أكثر ما روي هو قيامه ببناء السد بوجه قوم يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض ,هذا السد الذي بناه هو عبارة عن جدار هائل من كتل الحديد الخام والقطر الذي يرى البعض بأنه الطين, وضع بين جبلين مغلقاً بذلك أخدوداً عميقاً كان يتسلل منه قوم يأجوج ومأجوج فبذلك قطع عليهم ذلك الطريق المختصر الذي كانوا يعبرون منه
قال تعالى(وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا)
حاول البعض ربط اسم ذو القرنين بأحد الملوك لكن من الثابت هو أنه ملك عادل رحيم حكم الأرض بعدله وسلطانه ,أما عن الشخصيات التي ذكر بانها ذو القرنين هي:
- قورش الكبير أحد أعظم الملوك الذي عرف عنه العدل والتسامح وكان غازياً استولى على آسيا الصغرى وبابل وقضى على الكلدان ومملكة ميديا وشتت قبائل المغول الذين يظن البعض بأنهم قوم يأجوج ومأجوج وهو من أسس إمبراطورية فارس عام 550 ق.م تقريباً وقد وسع رقعة إمبراطوريته لتشمل معظم جنوب شرق آسيا ويذكر التاريخ بأن قورش الكبير هو أول من اصدر ميثاق حقوق الإنسان وهو أول من اعتق العبيد وحارب تجارة الرق وملك جيشاً هائلاً من العدد والعدة
-إخناتون الذي حكم مصر (1379-1362ق.م) وقد كان إخناتون من الذين وحدوا الله ودعوا إلى عبادة الإله الواحد وقام بمحاربة الكهنة وحطم الآلهة التي كانت تعبد في ذلك الوقت وعرف عنه الذكاء الشديد ودرايته بكافة العلوم وقد عاصر موسى عليه السلام الذي تربى بقصر الفرعون أمنتحب الثالث والد إخناتون,كان بينهما صداقة كبيرة مما جعله يتأثر فكرياً وعقائدياً بنبي الله موسى عليه السلام الذي دعاه لعبادة الله تعالى كما كان تأثير آسيا زوجة فرعون رضي الله عنها تأثيراً كبيراً مما زاد إيمانه بالله عز وجل, وسع إخناتون أرض حكمه مراراً لتشمل الشام والرافدين وآسيا الوسطى وصولاً إلى الصين التي كانت في تلك الحقبة معزولة وغارقة بالحروب وكانت عرضة لغزوات قبائل المغول الذين عرفوا بيأجوج ومأجوج , امتلك إخناتون جيشاً قوياً مجهزاً بالعتاد الجيد وبأسطول سفن متينة لم توجد بجيوش أخرى بذلك العصر مما سهل عليه وصوله لأقاصي الدنيا وهذا ينطبق على ما ورد عن قصة ذو القرنين عندما قام برحلته لمطلع الشمس تلك الرحلة التي يلزمها سفن قوية لتقطع تلك المسافات الشاسعة والكثير من الإعداد .
أتقن الفراعنة علوم الهندسة والبناء وكانوا السباقين بهذا المجال تلك الصفات ملكها ذو القرنين فقد كان عالماً وجغرافياً ومهندساً قائداً عظيماً
قال تعالى( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ).
استخدم ذو القرنين تقنية مبتكرة ذلك الوقت لبناء الردم بين الجبلين وهي استخدام الحديد الخام والطين ثم يصار إلى حرقهما معاً لينتج خليط شديد التماسك و الصلابة ,هذه التقنية ابتكرها الفراعنة لكن مع استخدام مواد أخرى كالطين والصخور والمواد التي كانت متوفرة بأرضهم.
قال تعالى( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)
ذكر الله تعالى قصة موسى عليه السلام وفرعون الذي هو أمنتحب الثالث والد إخناتون وتبين هذه الآية الكريمة بأن فرعون أمر وزيره هامان أن يبني له برجاً عالياً من الطين وهنا أيضاً نرى تقنية حرق أو شي الطين لجعله متماسكاً وصلباً وهي ذاتها التقنية التي بني فيها ردم ذو القرنين , استخدم الصينيون هذه التقنية أيضاً في صناعة الخزف التي برزت هناك بتلك الفترة كما نعلم يستخدم الطين أو الصلصال المشوي بحرارة عالية لتصنيع الأواني الخزفية لكن الفراعنة هم أول من أتقن صناعة الخزف التي كانت تصنع للأسرة الحاكمة فقط.
-الأسكندر الأكبر الذي حكم يوماً ما إمبراطورية شاسعة وأخضع كل أرض وطأتها قدماه,فقد احتل فارس وسوريا والرافدين ومصر وآسيا الصغرى وأجزاء من الهند ووصل لحدود الصين لكن قدمه لم تطأها البت ,كان الاسكندر قائداً عسكرياً عظيماً لم يعرف التاريخ مثله كما انه سياسياً كبيراً على الرغم من عمره الصغير إلا أنه امتلك قوة وشجاعة نادرة,بدأ الاسكندر حملاته العسكرية بعبوره إلى قارة آسيا من مضيق الدردنيل على رأس 60 ألف محارب واستمر بحروبه على رأس جيشه حتى وفاته فاتحاً جميع مدن العالم ولم يعرف الهزيمة القط , حتى أنه في بعض حروبه كان يرى أعداءه يتشتتون بمجرد سماع أنه قد أتى بجيشه وقد اشتهر بوضعه على رأسه خوذة عليها قرنين كبيرين وهذا وجه تشابه
امتلك الاسكندر تكتيكات عسكريه فريدة هو من ابتكرها وكان يستغل الموقع والأرض والمناخ وطبيعة السكان ولم يكرر نفسه أبداً بل كان دائم الابتكار لتكتيكات جديدة ومازالت تلك التكتيكات تعطى في الأكاديميات العسكرية حول العالم ليومنا هذا وقد استخدمت في كثير من الحروب المعاصرة .
بنا الاسكندر الكثير من المدن التي ارتبطت باسمه حتى بلغت أكثر من 70 مدينة توزعت على أرجاء الأرض كما كان محباً للعلوم وقد تتلمذ على يد أرسطو وأتقن الهندسة والرياضيات وكافة العلوم وأنشأ الأسواق ونشر الثقافة وبنا المكتبات
لكن يذكر التاريخ بطشه ودمويته وارتكابه لمجازر كثيرة ببداية فترة حكمه بحلفائه وأعدائه حتى انه أعدم الكثير من قادة جيشه وكان مزاجه متقلباً على الدوام لكنه كان رحيماً بأعدائه بعد هزيمتهم فقد كان يكرمهم ويجعلهم حلفائه بحروبه القادمة , ربما هو تكتيك آخر يراد منه إعطاء الآخرين فكرة أن الاسكندر سيرحمهم إن استسلموا له وأعلنوا الولاء أو أنه دليل آخر على مزاجية متقلبة , لكن بجميع الأحوال يبقى الاسكندر أحد أعظم الشخصيات التي تركت بصمات هائلة
هناك أوجه تشابه كثيرة بين صفات ذو القرنين والاسكندر الكبير من جهة القوة الكبيرة والفتوحات العظيمة لكن هناك أيضاً تناقضات بين الشخصيتين
قال تعالى (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)
إن الله جل جلاله قد أثنى على عبده ذو القرنين الذي كان صالحاً تقياً عادلاً ينشر العدل ويبعد الأذى عن الضعفاء يجتنب ما حرمه الله أما الاسكندر فقد كان مدمناً للخمور والنساء ووزيره كان فيلسوفاً وكان مشركاً بل قد أعلن نفسه إلهاً مطلقاً والعياذ بالله وهذا الوصف بعيد عن ذو القرنين .
يبقى كتاب الله تعالى دائماً وأبداً دليلنا الذي نهتدي بنوره ومهما قيل عن شخصية ذو القرنين فإنه يبقى ما قاله تعالى عن وصفه أنه كان من رجال الله المؤمنين الصالحين هداه الله ليكون مصلحاً في الأرض , هناك الكثير والكثير من الرجال الأخيار الذين حملوا لواء الحق واتبعوا هدى الله تعالى على مر العصور ولن ينتهوا فالأنبياء والرسل والصحابة الكرام والأولياء الصالحين وكل من هداه الله تعالى بنور رحمته كلهم رجال الله أنعم عليهم وجعلهم من عباده الصالحين
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين وارحمنا وأعفو عنا وأهدنا بنورك يا أرحم الراحمين
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

ابو مايا

المصدر: منتديات مضايف بلدة الغبره

---

lk d;,k `, hgrvkdk

ابو مايا شكرا للطرح الجميل

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعود النجم

ابو مايا شكرا للطرح الجميل

وانا اشكر مرورك اخي سعود

ابو ماايا
آآآآمين يارب وجزااااااك الله خبر الجزااااء ع الموضوع القيم
تحياااااااااتي

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام مشعل

ابو ماايا
آآآآمين يارب وجزااااااك الله خبر الجزااااء ع الموضوع القيم
تحياااااااااتي

ام مشعل

اسعدتي يومي بمرورك

الخال ابو مايا الغالي

أشكرك كل الشكر على هذه المعلومات القيمة

تقبل مروري البسيط

تحياتي!!!!!!!!!!

أبو طلال

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن عبد الخليل

الخال ابو مايا الغالي

أشكرك كل الشكر على هذه المعلومات القيمة

تقبل مروري البسيط

تحياتي!!!!!!!!!!

أبو طلال

هلا وكل الهلا ابو طلال مشكور على المرور

أشكر على موضوعك الراااائع


ومجهوداتك التي لا تنفذ


أحترامي

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزير سالم

أشكر على موضوعك الراااائع

ومجهوداتك التي لا تنفذ

أحترامي

وانا اشكرك تصفحك موضوعي خالي الزير